مصرى دوت نت
أهلا بكم أحبائي الزوار
نتشرف بإنضمامكم إلي أسرة مصري دوت نت
إذا أعجبكم المنتدي فلا تبخلوا علينا بالتسجيل
وإذا كنتم أعضاء فقوموا بتسجيل الدخول والنشاط للإرتقاء بالمنتدي

إدارة المنتدي
مصرى دوت نت
أهلا بكم أحبائي الزوار
نتشرف بإنضمامكم إلي أسرة مصري دوت نت
إذا أعجبكم المنتدي فلا تبخلوا علينا بالتسجيل
وإذا كنتم أعضاء فقوموا بتسجيل الدخول والنشاط للإرتقاء بالمنتدي

إدارة المنتدي
مصرى دوت نت
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مصرى دوت نت

منتدى تطويرى اسلامى متنوع يوجد فيه اسلاميات متنوعة برامج وبرامج اسلامية حصرية واعلانات وغير ذلك
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 تفسير سورة النبأ

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



عدد المساهمات : 265
تاريخ التسجيل : 22/08/2013

تفسير سورة النبأ  Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة النبأ    تفسير سورة النبأ  Clock13الأربعاء أغسطس 28, 2013 1:10 am

{عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (3) كَلا سَيَعْلَمُونَ (4) ثُمَّ كَلا سَيَعْلَمُونَ (5) أَلَمْ نَجْعَلِ الأرْضَ مِهَادًا (6) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7) وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (Cool وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (9) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11) وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا (12) وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (13) وَأَنزلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (14) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (15) وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا (16)}
يقول تعالى منكرًا على المشركين في تساؤلهم عن يوم القيامة إنكارًا لوقوعها: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ} أي: عن أي شيء يتساءلون؟ من أمر القيامة، وهو النبأ العظيم، يعني: الخبر الهائل المفظع الباهر.
قال قتادة، وابن زيد: النبأ العظيم: البعث بعد الموت.
وقال مجاهد: هو القرآن. والأظهر الأول لقوله: {الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ} يعني: الناس فيه على قولين: مؤمن به وكافر.
ثم قال تعالى متوعدًا لمنكري القيامة: {كَلا سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلا سَيَعْلَمُونَ} وهذا تهديدٌ شديد ووعيد أكيد.
ثم شرع وتعالى يُبَيّن قدرته العظيمة على خلق الأشياء الغريبة والأمور العجيبة، الدالة على قدرته على ما يشاء من أمر المعاد وغيره، فقال: {أَلَمْ نَجْعَلِ الأرْضَ مِهَادًا}؟ أي: ممهدة للخلائق ذَلُولا لهم، قارّةً ساكنة ثابتة، {وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا} أي: جعلها لها أوتادًا أرساها بها وثبتها وقرّرها حتى سكنت ولم تضطرب بمن عليها.
ثم قال: {وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا} يعني: ذكرًا وأنثى، يستمتع كل منهما بالآخر، ويحصل التناسل بذلك، كقوله: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21].
وقوله: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} أي: قطعا للحركة لتحصل الراحة من كثرة الترداد والسعي في المعايش في عرض النهار. وقد تقدم مثل هذه الآية في سورة الفرقان.
{وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا} أي: يغشى الناس ظلامه وسواده، كما قال: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا} [الشمس: 4] وقال الشاعر:
فَلَمَّا لَبِسْنَ اللَّيْلَ أو حِينَ نَصَّبتْ *** له مِن خَذا آذانِها وَهْوَ جَانِحُ
وقال قتادة في قوله: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا} أي: سكنًا.
وقوله: {وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} أي: جعلناه مشرقا مُنيرًا مضيئًا، ليتمكن الناس من التصرف فيه والذهاب والمجيء للمعاش والتكسب والتجارات، وغير ذلك.
وقوله: {وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا} يعني: السموات السبع، في اتساعها وارتفاعها وإحكامها وإتقانها، وتزيينها بالكواكب الثوابت والسيارات؛ ولهذا قال: {وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا} يعني: الشمس المنيرة على جميع العالم التي يتوهج ضوؤها لأهل الأرض كلهم.
وقوله: {وَأَنزلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا} قال العوفي، عن ابن عباس: {الْمُعْصِرَاتِ} الريح.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد، حدثنا أبو داود الحَفَري عن سفيان، عن الأعمش، عن المِنْهَال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: {وَأَنزلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ} قال: الرياح.
وكذا قال عكرمة، ومجاهد، وقتادة، ومقاتل، والكلبي، وزيد بن أسلم: وابنه عبد الرحمن: إنها الرياح. ومعنى هذا القول أنها تستدر المطر من السحاب.
وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: {مِنَ الْمُعْصِرَاتِ} أي: من السحاب.
وكذا قال عكرمة أيضا، وأبو العالية، والضحاك، والحسن، والربيع بن أنس، والثوري. واختاره ابن جرير.
وقال الفراء: هي السحاب التي تَتَحَلَّب بالمطر ولم تُمطر بعدُ، كما يقال امرأة معصر، إذا دنا حيضها ولم تحض.
وعن الحسن، وقتادة: {مِنَ الْمُعْصِرَاتِ} يعني: السموات. وهذا قول غريب.
والأظهر أن المراد بالمعصرات: السحاب، كما قال الله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ} [الروم: 48] أي: من بينه.
وقوله: {مَاءً ثَجَّاجًا} قال مجاهد، وقتادة، والربيع بن أنس: {ثَجَّاجًا} منصبا.
وقال الثوري: متتابعًا.
وقال ابن زيد: كثيرا.
قال ابن جرير: ولا يعرف في كلام العرب في صفة الكثرة الثج، وإنما الثج: الصب المتتابع. ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أفضلُ الحجّ العجّ والثجّ». يعني: صَبّ دماء البُدْن. هكذا قال. قلت: وفي حديث المستحاضة حين قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنعت لك الكُرسُفَ»- يعني: أن تحتشي بالقطن-: قالت: يا رسول الله، هو أكثر من ذلك، إنما أثج ثجًا. وهذا فيه دَلالة على استعمال الثَّج في الصبّ المتتابع الكثير، والله أعلم.
وقوله: {لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا} أي: لنخرجَ بهذا الماء الكثير الطيب النافع المُبَارَك {حَبًّا} يدخر للأناسي والأنعام، {وَنَبَاتًا} أي: خضرًا يؤكل رطبا، {وَجَنَّاتٍ} أي: بساتين وحدائقَ من ثمرات متنوعة، وألوان مختلفة، وطعوم وروائح متفاوتة، وإن كان ذهلك في بقعة واحدة من الأرض مجتمعًا؛ ولهذا قال: {وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا} قال ابن عباس، وغيره: {أَلْفَافًا} مجتمعة. وهذه كقوله تعالى: {وَفِي الأرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأكُلِ} الآية [الرعد: 4].

{إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا (17) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (18) وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (19) وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا (20) إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (21) لِلطَّاغِينَ مَآبًا (22) لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (23) لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلا شَرَابًا (24) إِلا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (25) جَزَاءً وِفَاقًا (26) إِنَّهُمْ كَانُوا لا يَرْجُونَ حِسَابًا (27) وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا (28) وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا (29) فَذُوقُوا فَلَنْ نزيدَكُمْ إِلا عَذَابًا (30)}
يقول تعالى مخبرًا عن يوم الفصل، وهو يوم القيامة، أنه مؤقت بأجل معدود، لا يزاد عليه ولا ينقص منه، ولا يعلم وقته على التعيين إلا الله عز وجل، كما قال: {وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلا لأجَلٍ مَعْدُودٍ} [هود: 104].
{يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا} قال مجاهد: زُمَرًا. قال ابن جرير: يعني تأتي كل أمة مع رسولها، كقوله: {يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} [الإسراء: 31].
وقال البخاري: {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا} حدثنا محمد، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما بين النفختين أربعون».
قالوا: أربعون يومًا؟ قال: «أبيتُ». قالوا: أربعون شهرًا؟ قال: «أبيت». قالوا: أربعون سنة؟ قال: «أبيت». قال: «ثم يُنزلُ الله من السماء ماء فينبتُونَ كما ينبتُ البقلُ، ليس من الإنسان شيءٌ إلا يَبلَى، إلا عظمًا واحدا، وهو عَجْبُ الذنَب، ومنه يُرَكَّبُ الخَلْقُ يومَ القيامة».
{وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا} أي: طرقا ومسالك لنزول الملائكة، {وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا} كقوله: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} [النمل: 88] وكقوله: {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ} [القارعة: 5].
وقال هاهنا: {فَكَانَتْ سَرَابًا} أي: يخيل إلى الناظر أنها شيء، وليست بشيء، بعد هذا تَذهب بالكلية، فلا عين ولا أثر، كما قال: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا} [طه: 105- 107] وقال: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأرْضَ بَارِزَةً} [الكهف: 47].
وقوله: {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا} أي: مرصدة مُعَدّة، {للِطَّاغِينَ} وهم: المَرَدة العصاة المخالفون للرسل، {مَآبًا} أي: مرجعا ومنقلبا ومصيرا ونزلا.
وقال الحسن، وقتادة في قوله: {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا} يعني: أنه لا يدخل أحد الجنة حتى يجتاز بالنار، فإن كان معه جواز نجا، وإلا احتبس.
وقال سفيان الثوري: عليها ثلاث قناطر.
وقوله: {لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا} أي: ماكثين فيها أحقابا، وهي جمع حقُب، وهو: المدة من الزمان. وقد اختلفوا في مقداره. فقال ابن جرير، عن ابن حميد، عن مِهْران، عن سفيان الثوري، عن عَمَّار الدّهنِي، عن سالم بن أبي الجعد قال: قال علي بن أبي طالب لهلال الهَجَري: ما تجدونَ الحُقْبَ في كتاب الله المنزل؟ قال: نجده ثمانين سنة، كل سنة اثنا عشر شهرا، كل شهر ثلاثون يوما كل يوم ألف سنة.
وهكذا رُويَ عن أبي هُرَيرة، وعبد الله بن عَمرو، وابن عباس، وسعيد بن جُبَير، وعَمرو بن ميمون، والحسن، وقتادة، والربيع بن أنس، والضحاك.
وعن الحسن والسّدي أيضا: سبعون سنة كذلك.
وعن عبد الله بن عمرو: الحُقبُ أربعون سنة، كل يوم منها كألف سنة مما تعدون. رواهما ابن أبي حاتم.
وقال بُشَير بن كعب: ذُكِر لي أن الحُقب الواحد ثلاثمائة سنة، كل سنة ثلاثمائة وستون يومًا، كل يوم منها كألف سنة. رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم.
ثم قال ابن أبي حاتم: ذكر عن عُمَر بن علي بن أبي بكر الأسْفَذْنيّ: حدثنا مروان بن معاوية الفَزَاري، عن جعفر بن الزبير، عن القاسم، عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا}.
قال: فالحقب ألف شهر، الشهر ثلاثون يوما، والسنة اثنا عشر شهرا، والسنة ثلاثمائة وستون يوما، كل يوم منها ألف سنة مما تعدون، فالحقب ثلاثون ألف ألف سنة. وهذا حديثٌ منكر جدًا، والقاسم هو والراوي عنه وهو جعفر بن الزبير كلاهما متروك.
وقال البزار: حدثنا محمد بن مِرْدَاس، حدثنا سليمان بن مسلم أبو المُعَلَّى قال: سألت سليمان التيمي: هل يخرج من النار أحد؟ فقال حدثني نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «والله لا يخرج من النار أحد حتى يمكث فيها أحقابا». قال: والحُقْب: بضع وثمانون سنة، والسنة ثلاثمائة وستون يوما مما تعدون.
ثم قال: سليمان بن مسلم بصري مشهور.
وقال السّدي: {لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا} سبعمائة حُقب، كل حقب سبعون سنة، كل سنة ثلاثمائة وستون يومًا، كل يوم كألف سنة مما تعدون.
وقد قال مقاتل بن حَيّان: إن هذه الآية منسوخة بقوله: {فَذُوقُوا فَلَنْ نزيدَكُمْ إِلا عَذَابًا}
وقال خالد بن مَعْدان: هذه الآية وقوله: {إِلا مَا شَاءَ رَبُّكَ} [هود: 107] في أهل التوحيد. رواهما ابن جرير.
ثم قال: ويحتمل أن يكون قوله: {لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا} متعلقًا بقوله: {لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلا شَرَابًا} ثم يحدث الله لهم بعد ذلك عذابا من شكل آخر ونوع آخر. ثم قال: والصحيح أنها لا انقضاء لها، كما قال قتادة والربيع بن أنس. وقد قال قبل ذلك.
حدثني محمد بن عبد الرحيم البَرْقِي، حدثنا عمرو بن أبي سلمة، عن زهير، عن سالم: سمعت الحسن يسأل عن قوله: {لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا} قال: أما الأحقاب فليس لها عِدّة إلا الخلود في النار، ولكن ذكروا أن الحُقبَ سبعون سنة، كل يوم منها كألف سنة مما تعدون.
وقال سعيد، عن قتادة: قال الله تعالى: {لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا} وهو: ما لا انقطاع له، كلما مضى حُقب جاء حقب بعده، وذكر لنا أن الحُقْب ثمانون سنة.
وقال الربيع بن أنس: {لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا} لا يعلم عدة هذه الأحقاب إلا الله، ولكن الحُقْب الواحد ثمانون سنة، والسنة ثلاثمائة وستون يوما، كل يوم كألف سنة مما تعدون. رواهما أيضا ابن جرير.
وقوله: {لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلا شَرَابًا} أي: لا يجدون في جَهنَّم بردًا لقلوبهم، ولا شرابا طيبا يتغذون به. ولهذا قال: {إِلا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا} قال أبو العالية: استثنى من البرد الحميم ومن الشراب الغساق.
وكذا قال الربيع بن أنس. فأما الحميم: فهو الحار الذي قد انتهى حره وحُموه. والغَسَّاق: هو ما اجتمع من صديد أهل النار وعرقهم ودموعهم وجروحهم، فهو بارد لا يستطاع من برده، ولا يواجه من نتنه. وقد قدمنا الكلام على الغساق في سورة ص بما أغنى عن إعادته، أجارنا الله من ذلك، بمنه وكرمه.
قال ابن جرير: وقيل: المراد بقوله: {لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا} يعني: النوم، كما قال الكندي:
بَرَدت مَرَاشفها عَلَيّ فصدّني *** عنها وَعَنْ قُبُلاتها البَرْدُ
يعني بالبرد: النعاس والنوم هكذا ذكره ولم يَعزُه إلى أحد. وقد رواه ابن أبي حاتم، من طريق السدي، عن مرة الطيب. ونقله عن مجاهد أيضا. وحكاه البغوي عن أبي عُبَيدة، والكسائي أيضا.
وقوله: {جَزَاءً وِفَاقًا} أي: هذا الذي صاروا إليه من هذه العقوبة وَفق أعمالهم الفاسدة التي كانوا يعملونها في الدنيا. قاله مجاهد، وقتادة، وغير واحد.
ثم قال: {إِنَّهُمْ كَانُوا لا يَرْجُونَ حِسَابًا} أي: لم يكونوا يعتقدون أن ثم دارًا يجازون فيها ويحاسبون، {وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا} أي: وكانوا يكذبون بحجج الله ودلائله على خلقه التي أنزلها على رسله، فيقابلونها بالتكذيب والمعاندة.
وقوله: {كِذَّابًا} أي: تكذيبا، وهو مصدر من غير الفعل. قالوا: وقد سُمع أعرابي يستفتي الفَرّاءَ على المروة: الحلقُ أحبّ إليك أو القِصار؟ وأنشد بعضهم:
لَقَد طالَ ما ثَبَّطتنِي عَن صَحَابَتِي *** وعن حوج قضاؤها مِن شفَائيا
وقوله: {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا} أي: وقد عَلِمنا أعمالَ العباد كلهم، وكتبناهم عليهم، وسنجزيهم على ذلك، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر.
وقوله: {فَذُوقُوا فَلَنْ نزيدَكُمْ إِلا عَذَابًا} أي: يقال لأهل النار: ذوقوا ما أنتم فيه، فلن نزيدكم إلا عذابًا من جنسهِ، {وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ} [ص: 58].
قال قتادة: عن أبي أيوب الأزدي، عن عبد الله بن عمرو قال: لم ينزل على أهل النار آية أشد من هذه: {فَذُوقُوا فَلَنْ نزيدَكُمْ إِلا عَذَابًا} قال: فهم في مزيد من العذاب أبدا.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن محمد بن مصعب الصوري، حدثنا خالد بن عبد الرحمن، حدثنا جَسر بن فَرقد، عن الحسن قال: سألت أبا برزة الأسلمي عن أشد آية في كتاب الله على أهل النار. قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ: {فَذُوقُوا فَلَنْ نزيدَكُمْ إِلا عَذَابًا} فقال: «هلك القوم بمعاصيهم الله عَزّ وجل».
جسرُ بن فَرقد: ضعيف الحديث بالكلية.

{إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32) وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33) وَكَأْسًا دِهَاقًا (34) لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا كِذَّابًا (35) جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا (36)}
يقول تعالى مخبرًا عن السعداء وما أعد لهم تعالى من الكرامة والنعيم المقيم، فقال: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا} قال ابن عباس والضحاك: متنزها.
وقال مجاهد، وقتادة: فازوا، فنجوا من النار. الأظهر هاهنا قولُ بن عباس؛ لأنه قال بعده: {حَدَائِقَ} وهي البساتين من النخيل وغيرها {وَأَعْنَابًا وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا} أي: وحورًا كواعب. قال ابن عباس ومجاهد، وغير واحد: {كواعب} أي: نواهد، يعنون أن ثُدُيَّهن نواهد لم يتدلين لأنهن أبكار عُرُب أتراب، أي: في سن واحدة، كما تقدم بيانه في سورة الواقعة.
قال ابن أبي حاتم: حدثنا عبد الله بن أحمد بن عبد الرحمن الدّشتكيّ، حدثني أبي، عن أبي سفيان عبد الرحمن بن عبد رب بن تيم اليشكرى، حدثنا عطية بن سليمان أبو الغيث، عن أبي عبد الرحمن القاسم بن أبي القاسم الدمشقي، عن أبي أمامة: أنه سمعه يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن قُمُص أهل الجنة لتبدو من رضوان الله، وإن السحابة لتمر بهم فتناديهم: يا أهل الجنة، ماذا تريدون أن أمطركم؟ حتى إنها لتمطرهم الكواعب الأتراب».
وقوله: {وَكَأْسًا دِهَاقًا} قال ابن عباس: مملوءة متتابعة.
وقال عكرمة: صافية.
وقال مجاهد، والحسن وقتادة، وابن زيد: {دهاقا} الملأى المترعة.
وقال مجاهد وسعيد بن جبير: هي المتتابعة.
وقوله: {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا كِذَّابًا} كقوله: {لا لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ} [الطور: 23] أي: ليس فيها كلام لاغٍ عَارٍ عن الفائدة، ولا إثم كذب، بل هي دار السلام، وكل ما فيها سالم من النقص.
وقوله: {جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا} أي: هذا الذي ذكرناه جازاهم الله به وأعطاهموه، بفضله ومَنِّه وإحسانه ورحمته؛ {عَطَاءً حِسَابًا} أي: كافيًا وافرًا شاملا كثيرًا؛ تقول العرب: أعطاني فأحسبني أي: كفاني. ومنه حسبي الله، أي: الله كافيّ.
{رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا (37) يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا (38) ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا (39) إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا (40)}
يخبر تعالى عن عظمته وجلاله، وأنه رب السموات والأرض وما فيهما وما بينهما، وأنه الرحمن الذي شملت رحمته كل شيء.
وقوله: {لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا} أي: لا يقدر أحد على ابتداء مخاطبته إلا بإذنه، كقوله: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ} [البقرة: 255]، وكقوله: {يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلا بِإِذْنِهِ} [هود: 105]
وقوله: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ} اختلف المفسرون في المراد بالروح هاهنا، ما هو؟ على أقوال:
أحدها: رواه العوفي، عن ابن عباس: أنهم أرواح بني آدم.
الثاني: هم بنو آدم. قاله الحسن، وقتادة، وقال قتادة: هذا مما كان ابن عباس يكتمه.
الثالث: أنهم خَلق من خلق الله، على صُور بني آدم، وليسوا بملائكة ولا ببشر، وهم يأكلون ويشربون. قاله ابن عباس، ومجاهد، وأبو صالح والأعمش.
الرابع: هو جبريل. قاله الشعبي، وسعيد بن جبير، والضحاك. ويستشهد لهذا القول بقوله: {نزلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ} [الشعراء: 193، 194] وقال مقاتل بن حيان: الروح: أشرف الملائكة، وأقرب إلى الرب عز وجل، وصاحب الوحي.
والخامس: أنه القرآن. قاله ابن زيد، كقوله: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} الآية [الشورى: 52].
والسادس: أنه ملك من الملائكة بقدر جميع المخلوقات؛ قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: قوله: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ} قال: هو ملك عظيم من أعظم الملائكة خلقًا.
وقال ابن جرير: حدثني محمد بن خلف العسقلاني، حدثنا رَواد بن الجراح، عن أبي حمزة، عن الشعبي، عن علقمة، عن ابن مسعود قال: الروح: في السماء الرابعة هو أعظم من السموات ومن الجبال ومن الملائكة، يسبح كل يوم اثني عشر ألف تسبيحة، يخلق الله من كل تسبيحة مَلَكًا من الملائكة يجيء يوم القيامة صفًا وحده، وهذا قول غريب جدًا.
وقد قال الطبراني: حدثنا محمد بن عبد الله بن عرْس المصري، حدثنا وهب الله بن رزق أبو هريرة، حدثنا بشر بن بكر، حدثنا الأوزاعي، حدثني عطاء، عن عبد الله بن عباس: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن لله ملكا لو قيل له: التقم السماوات السبع والأرضين بلقمة واحدة، لفعل، تسبيحه: سبحانك حيث كنت».
وهذا حديث غريب جدًا، وفي رفعه نظر، وقد يكون موقوفًا على ابن عباس، ويكون مما تلقاه من الإسرائيليات، والله أعلم.
وتَوَقَّفَ ابنُ جرير فلم يقطَع بواحد من هذه الأقوال كلها، والأشبه- والله أعلم- أنهم بنو آدم.
وقوله: {إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ} كقوله: {لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلا بِإِذْنِهِ} [هود: 105]. وكما ثبت في الصحيح: «ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل».
وقوله {وَقَالَ صَوَابًا} أي: حقا، ومن الحق: لا إله إلا الله، كما قاله أبو صالح، وعكرمة.
وقوله: {ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ} أي: الكائن لا محالة، {فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا} أي: مرجعا وطريقا يهتدي إليه ومنهجا يمر به عليه.
وقوله: {إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا} يعني: يوم القيامة لتأكد وقوعه صار قريبا، لأن كل ما هو آت آت.
{يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ} أي: يعرض عليه جميع أعماله، خيرها وشرها، قديمها وحديثها، كقوله: {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا} [الكهف: 49]، وكقوله: {يُنَبَّأُ الإنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ} [القيامة: 13].
{وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا} أي: يود الكافر يومئذ أنه كان في الدار الدنيا ترابا، ولم يكن خُلِقَ، ولا خرج إلى الوجود. وذلك حين عاين عذاب الله، ونظر إلى أعماله الفاسدة قد سُطَّرت عليه بأيدي الملائكة السَّفَرة الكرام البَرَرة، وقيل: إنما يود ذلك حين يحكم الله بين الحيوانات التي كانت في الدنيا، فيفصل بينها بحكمه العدل الذي لا يجور، حتى إنه ليقتص للشاة الجمَّاء من القرناء. فإذا فرغ من الحكم بينها قال لها: كوني ترابا، فتصير ترابا. فعند ذلك يقول الكافر: {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا} أي: كنت حيوانا فأرجع إلى التراب. وقد ورد معنى هذا في حديث الصّور المشهور وورد فيه آثار عن أبي هُرَيرة، وعبد الله بن عمرو، وغيرهما.
آخر تفسير سورة عم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://masry.banouta.net
 
تفسير سورة النبأ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير سورة نوح
» تفسير سورة عبس
» تفسير سورة الماعون
» تفسير سورة الشمس
» تفسير سورة القيامة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مصرى دوت نت  :: القسم الإسلامى :: تفسير القران الكريم-
انتقل الى: